انقذ الأرض

أرض بور

انا حزينة, والبسمة لا تجد طريقها لروحى.... ماذا؟؟؟؟ماذا تقول, أخائفة على مستقبلى!!!!!
ابدا فالاطفال امثالى لا يكون المستقبل داخل دائرة اهتمامتهم,  ولكنة حاضرى
فأنا للاسف لا اجد اطفال فى مثل عمرى لألعب معهم, لا استطيع اللعب,و قريتى شبة مهجورة, وكل من يعيش فيها من الكبار, ويعملون خارج القرية, وهذا موضوع يحيرنى كطفلة- فأنت تدرى كم عقل الاطفال صغير- وهو كيف أكون فى قرية, ولا احد يزرع فيها اى شئ, فأنى ادور ببصرى القصير الأمد فيما حولى, فلا اجد غير مبانى مهجورة, واراضى صفراء التراب جرداء, لا يغطيها اى لون اخضر ولا حتى تلك الحشائش البرية التى تنمو وحدها بلا تدخل الانسان لرعايتها, حتى عندما اطلب من امى ان أذهب الى الاراضى الزراعية التى تسلمها والدى فى المشروع حتى العب داخل الحقول, تنهرنى امى وترجعنى, لا افهم لماذا تفعل امى ذلك؟؟ فكما ارى فى الافلام القديمة ان الحقول مكان رائع للنزهه واللعب, فحاولت ان أسال ابى, فأجابنى بأنه لا توجد من الأصل اى حقول وهذا الساتر الشجرى التى ترينه يا بنيتى ما هو الا غلاف بسيط لارض جرداء خلفة لتحمينا من عواصفها الترابية, وتأخذ مجهود شديد للاعتناء بها ولمكافحة التصحر الذى يزحف عليها... وصمت, ولم أعد لسؤاله مره اخرى.
ولكن هناك شيئا اخر لاحظته عيناى, ان فى وسط التراب الاصفر الممتد بطول البصر توجد بقع صغيرة بيضاء جميلة المنظر تجعل التراب صلب الملمس, يذكرنى برمل البحر الجميل, من المؤكد انك تتذكر تحركك صباحا على رمال البحر لتهشم تلك التجمعات الصلبة من الرمال, سألت ابى يوما عن تلك الرمال, فاجابنى انها تتجمع وتلتصف ببعضها بفعل ملح البحار, ما اجمل الملح انه يجعل الاشياء صلبة, وما يصبرنى فى قريتى على عدم لعبى مع اطفال فى سنى, هو وجود تلك التجمعات الجميلة الصلبة من الرمال, فأسير حافية بطول القرية حتى اكسر تلك التجمعات الهشه كعمرى واستمتع بصوتها الحرش, ولكن يوجد ما يضايقنى , فى كل مره يرانى احد شيوخ القرية اجده يطأطئ رأسه ويتمتم بكلمات لا اسمعها, ولكن اشعر بإحساسى البرئ الذى لم يلوثه اى شئ, انه حزين ومحسور, لا افهم سبب حسرته, ولا اجرؤ على سؤاله, كل ما استطعت فعله هو انى العب بالرمال بعيدا عن الأعين, فأنتظر دخوله لبيته وقت الظهيرة لابدأ فى اللعب, وفى ذات الوقت اراقب جلساته لعلى افهم سبب حسرته, جلست مره فى مجلس الكبار ولم افهم شيئا و كل الكلام يبدو صعب الفهم, بدأت فى التململ و شعرت بالضجر يتسرب الى نفسى, ولكنى قاومت ذلك الشعور لعلى أفهم, ولكنى لم أفهم شيئا من كلامهم سوى بأن هذا الملح الذى يعجبنى, لا يعجبهم وجوده بالارض وبأن أموالهم التى دفعوها فى مشروع الحكومة ذهبت سدى فى ارض بور, ويترحمون على اراضيهم التى كانت و اصبحت ذكرى فى عقول يدب العجز اليها.
كيف لا يعجبهم, ولماذا يضرهم هذا الملح؟؟ لا أعلم, واعتقد انهم هم ايضا لا يعلمون سبب وجوده ولا ماذا يفعلون بتلك الاراضى.
استيقظ صباحا مع امى فى الصباح الباكر حيت تحضر افطار ابى قبل نزوله لعمله, تفتح امى شباك صالتنا الصغيرة و اقف فى السباك مع كوب اللبن التى تحضره لى امى, فأرى من مكانى عربة نصف نقل كبيرة قادمة من القرية رقم واحد محملة بأطفال القرية حتى توصلهم للمدرسة المبناه بجوار قريتنا, انظر لهم وابتسم و اخرج من دارنا مهرولة و ملوحه لهم بيدى وضاحكه, فكم اتمنى ان اذهب للمدرسة لألقى اطفال اخرين ألعب معهم, ولكن دوما لا القى رد على ضحكاتى ولا سلامى, اقفز اعلى فى الهواء, اصيح لهم بصوت عالى حتى يملحونى, ولكن لا رد, ادقق فى وجوههم اجدهم يرونى ولكن وجوهم عابسة, لا يضحكون, ولا يلعبون, ابكى و اجرى على امى, تحتضنى و تهدأ من حزنى و تجفف دمعى, وتقول لى ان لا احزن فهم  يستيقظون باكرا جدا ويقطعون ما يقرب من اربعه كيلومترات من مكان قريتهم فى شاحنة مفتوحة مكدسين فوق بعض فى هواء الصباح البارد و شمس الظهيرة الحارقة و امطار الشتاء القاسية, وقبلتنى امى على خدى ودعتنى ان لا احزن وان أحمد الله على نعمته بتواجد المدرسة بجوار قريتنا وعلى فقرنا وضيق معيشتنا ومشاكلنا مع الأرض ومع الحكومة ومع الصرف التى تحوطنا من كل جانب, فإن الله عافنا مما ابتلى به من سكن فى قرية واحد من مشاريع قرى الخريجين بكفر الشيخ ......

--------------------------------------------


انقذ الأرض

أرفع يدك عنها

حكم عقلك ايها المغرور

وأعلم انك يوم ان تشعر بالمشكلة, فقد فات الاوان

وعندما تريد ان تضع يدك مع الاخر, فلن تجده

وستجد الموت يحصدك

No comments:

Post a Comment